أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجدل بتصريحه الأخير حول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إذ قال أمام الصحفيين يوم الإثنين، إن السيسي تخلى عن لقاء المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون عام 2016 بعد اجتماعه الأول معه، في إشارة إلى أن الزعيم المصري فضّل التواصل مع ترامب خلال فترة الانتخابات الأمريكية، بحسب ما كتبه دان جودينج في تقريره لمجلة نيوزويك.
عقد ترامب والسيسي لقاءهما هذا الأسبوع في شرم الشيخ على هامش القمة التي شهدت توقيع اتفاق للسلام بين إسرائيل وحماس، حيث استعاد ترامب ذكريات لقائهما الأول قبل تسع سنوات. قال ترامب: "كنا نعرف بعضنا منذ البداية. أول مرة التقينا فيها كانت في أحد الفنادق، وبعدي كانت ستأتي هيلاري كلينتون. لكنه أحبني جدًا، لدرجة أنه لم يرها إلا لثوانٍ قليلة ولم يرغب في إضاعة وقته معها، لأنه كان يعلم ما سيحدث."
لكن الوقائع الموثقة تكشف رواية مختلفة تمامًا. فالسيسي التقى كلاً من ترامب وكلينتون في نيويورك يوم 19 سبتمبر 2016، خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأشارت تقارير المجلس الأطلسي آنذاك إلى أن اللقاءين أثارا نقاشًا واسعًا حول مستقبل العلاقات الأمريكية-المصرية في حال فوز أي من المرشحين.
هيلاري كلينتون، التي شغلت منصب وزيرة الخارجية في إدارة باراك أوباما لأربع سنوات، استخدمت لقاءها مع السيسي للتأكيد على التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، لكنها في الوقت نفسه شددت على أهمية احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان في مصر. ونقلت الصحفية الأمريكية ليز كرويتز، التي كانت تعمل في قناة "إيه بي سي" حينها، نصًا رسميًا للاجتماع عبر حسابها على منصة "إكس" (تويتر سابقًا).
وجاء في البيان أن "كلينتون والسيسي عقدا نقاشًا بنّاءً حول العلاقات الثنائية والتعاون في مجالات متعددة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب، كما ناقشا سبل تعزيز التنمية الاقتصادية والاستثمار في مصر. وأكدت كلينتون أن احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون يمثلان أساسًا لتقدم البلاد." وأضاف البيان أن كلينتون طالبت بإطلاق سراح المواطنة الأمريكية آية حجازي، وأعربت عن قلقها إزاء ملاحقة منظمات المجتمع المدني والنشطاء، كما شددت على أهمية التعاون المصري الإسرائيلي في مجال مكافحة الإرهاب والتصدي للتطرف العنيف.
توضح تلك المعطيات أن اللقاء بين كلينتون والسيسي استمر أكثر من ساعة، خلافًا لما قاله ترامب عن أنه استغرق "ثانيتين فقط". وأكدت تقارير إعلامية أن الاجتماع استمر نحو 70 دقيقة، ما يعني أن السيسي لم يتجنب اللقاء ولم يختصره.
أما لقاء ترامب بالسيسي، فدار في الفندق ذاته في نيويورك بعد انتهاء اجتماع السيسي بكلينتون، وفق ما نقلت وكالة رويترز. وركز النقاش حينها على قضايا الأمن الإقليمي ومحاربة التطرف، وأشاد ترامب بالدور المصري في استقرار الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ووعد، إذا فاز في الانتخابات، بأن تكون الولايات المتحدة "صديقًا مخلصًا لمصر، لا مجرد حليفٍ تقليدي".
شارك في اللقاء مع ترامب عدد من مستشاريه، أبرزهم السيناتور جيف سيشنز والجنرال مايكل فلين، وكلاهما كان ضمن فريقه الاستشاري للسياسة الخارجية. وبعد فوزه في الانتخابات، استقبل ترامب السيسي في البيت الأبيض في أبريل 2017 في أول زيارة رسمية من نوعها خلال ولايته الأولى.
بناءً على تسلسل الأحداث وشهادات الصحفيين والبيانات الرسمية، يثبت التحقيق أن رئيس الانقلاب المصري التقى هيلاري كلينتون قبل اجتماعه مع ترامب، وليس بعده كما زعم الأخير. كما أن اللقاءين جريا في الفندق ذاته بفاصل زمني قصير، وهو ما يؤكد أن السيسي لم "يتجنب" كلينتون كما قال ترامب.
خلصت نيوزويك إلى أن مزاعم ترامب غير صحيحة، إذ تشير الأدلة إلى أن اللقاء بين السيسي وكلينتون جرى بشكل طبيعي واستمر وقتًا طويلًا، ما يدحض فكرة أنّ الجنرال تخلى عن لقائها أو تجاهلها.
https://www.newsweek.com/fact-check-egypt-sisi-skip-clinton-meeting-2016-trump-10873022